@SaudAlgosaibiتحدثنا من قبل عن التضخم كموضوع، وفي عدد آخر من المقالات أشرنا له. إلا أن الأحداث الأخيرة من اجتياح روسيا لأوكرانيا ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي من تأثر التجارة العالمية، الأمر الذي جعل من ارتفاع أسعار السلع المختلفة أمرا حتميا ومشاهدا. وأيا كانت الأسباب والدوافع الروسية لغزوها أوكرانيا، إلا أنه جاء بردة فعل غريبة من مقاطعة لمجموعة من السلع والخدمات أشد اضطرابا من الغزو ذاته، فزادت بالإضافة من حدة الأزمة.ومن التداعيات المستقبلية للمقاطعة الغربية لروسيا أنها سوف تؤثر بعد انتهاء الأزمة على المقاطعين ذاتهم بأسباب اهتزاز عنصر الثقة لبدء الدول المختلفة في البحث عن توازنات وبدائل. فهذا الإرباك العالمي سيضع تساؤلات حول مدى جدوى اعتماد الدول المختلفة على العملات الغربية وصناعتها وخدماتها واستثمارات شركاتها والأدوات المالية للتجارة العالمية المرتبطة بها. فهو عالم جديد نشهد الآن مرحلة تأسيسه.ومن تداعيات الأزمة انقطاع سلسلة الصادرات والواردات لأوكرانيا وتأثر روسيا بالمقاطعة المالية والاقتصادية. فهو مربك للأسواق ومؤثر عليها مما يزيد من الأسعار، فكلتا الدولتين تمونان العالم بمجموعة سلع، وأهمها تلك الغذائية والمعادن والطاقة.وعندما ننظر إلى أوكرانيا نجد أنها تصدر مجموعة زراعية من الحبوب، وهي بالإضافة من أهم مصدري الحديد. وقد بلغت صادراتها عام 2020م نحو 49.3 مليار دولار من مجموعة من السلع تمثل الرقم 51 لمصدري العالم. كما بلغت واردات أوكرانيا لعام 2020م نحو 53.9 مليار دولار تمثل الرقم 47 عالميا. وتستورد أوكرانيا المواد البترولية والمعدات إلى غيرها من مواد. ومن أكبر شركائها التجاريين الصين والهند وروسيا وألمانيا وبولندا وتركيا وإيطاليا وبيلاروس.وبالمقارنة فإن روسيا من أكبر منتجي ومصدري الطاقة في العالم، وقد صدرت عام 2020م ما قيمته 332.23 مليار دولار. كما أن أهم الصادرات الروسية البترول والغاز والمعادن والأحجار الثمينة. ومن أكبر شركائها التجاريين الصين وهولندا وألمانيا وتركيا وإيطاليا وبريطانيا وبيلاروس. بينما استوردت في ذات العام 2020م ما يقارب 213 مليار دولار لمجموعة سلع مختلفة. ومن أكبر الدول المستوردة من الصين وألمانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وكوريا واليابان.فمقاطعة روسيا من الدول الغربية له أبلغ الأثر الاقتصادي في إرباك التجارة العالمية ومن زيادة الأسعار ونقص في الإمدادات لكثير من السلع لا سيما في البترول والغاز نظرا لحجم تجارتها العالمية لا سيما من توقف الصادرات الأوكرانية، وقد بدأت بالفعل مجموعة من السلع في التأثر. وبالمقارنة فقد كانت أسعار نفط برنت منذ أربعة أشهر نحو 70 دولارا، بينما وصلت أسعارها بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا 130 دولارا للبرميل متجهة نحو 147.50 دولار للبرميل حسب توقعات المحللين. كما أن روسيا تزود الولايات المتحدة بنحو 8 % من احتياجاتها للبترول، وقد أعلن الرئيس الأمريكي مؤخرا منع استيرادها من روسيا في سعي إدارته لوقف آلة الحرب الروسية وكمزيد من الضغط. وليست هي الطاقة فقط، فقد ارتفعت أسعار النيكل بنحو 19 % والألمنيوم بنحو 12 % والنحاس بنحو 8 %. ومن المعادن النادرة الثمينة الكادميوم فقد ارتفع سعره هو الآخر بنحو 25 %، وتزود روسيا 40 % من استهلاك العالم منه ويستعمل في صناعة السيارات.ما نتمناه لكل دول العالم وخاصة الغربية منها العقلانية في التعاطي مع الغزو الروسي لأوكرانيا حتى لا تدخل في صراع يؤدي إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل. وما نتمناه أن يتعافى العالم وينتهي هذا الصراع العالمي الذي ليس له رابح.