نسمع أحياناً في حياتنا اليومية بعض العبارات، والمصطلحات التي لا ندقق كثيراً في معناها البعيد، ودلالاتها، من ذلك قول البعض: «كلام رجال» عندما يريدون التأكيد على جدية وأهمية حديثٍ أو موقفٍ ما. هذه العبارة على إطلاقها قد تعني أن كلام الرجال له أهمية، أو منزلة أعلى على كلام النساء بحكم الفروق الطبيعية بين الجنسين، وهذا ربما على إطلاقه ليس صحيحا، الزاوية التي أود أن أتجه بالقارئ الكريم إليها هي التأكيد على أن الكلام العادي الذي هو أداة تواصل الناس مع بعضهم في كل أركان المعمورة، وأقسامه الرئيسة المعروفة بالحروف والأفعال، والأسماء هو ذاته لدى الجنسين، الفرق كما أظن هو أن كلام الرجل ربما يكون فيه شيء من الحزم، والشدة، والصرامة بما يتناسب وطبيعة الأدوار التي يؤديها في الحياة، كمسئول عن أسرة، وجماعة، وربما دولة ونظام كامل. وكلام المرأة يتناسب وتكوينها الجسماني، والنفسي والعاطفي، بحيث نتوقع منها الرقة، واللطف، واللين والعاطفة. وأزيد من عندي أن تفحص مسارات الحياة يكشف أن هاتين الطبعيتين التي خلق الله سبحانه الجنسين عليهما جعلتا أنه من المقبول أن تقول النساء كلاما لا يقوله الرجال في الغالب، وفي مواقف ومناسبات خاصة. وأورد هنا بعض ما تحتفظ به الذاكرة من الكلمات التي تقال على سبيل المثال عند انتهاء الزيارات، بين أفراد المجتمع، فأذكر جيداً أن المغفور لها بإذن الله والدتي صالحة بنت حسين كانت وهي تغادر منزل إحدى الجارات، أو القريبات تقول عبارات محددة بلهجتها النجرانية العذبة غفر الله لها، ولأموات المسلمين مثل:- خالفتنا العافية.والمعنى أنها تتمنى بعد أن تغادر بيت الجارة، تخالفها العافية، والدعاء بالصحة لأهل المنزل، وغالباً ما يكون الرد من السيدة صاحبة الدار، أو المودعة بقولها:- وواجهتكم.وهي بدورها تتمنى لمن يغادر منزلها أن تواجهه، أو تصادفه الصحة، والعافية.هذا الحوار في إطاره العام يتكرر بين الرجال، لكن يستحيل أن يأتي بذات الألفاظ، والمفردات حيث في الغالب يقول الضيوف، أو الزوار من الرجال عند المغادرة، كلام مثل:- نترخص يا أبو فلان.أي نطلب الإذن بالانصراف، وهنا تقدير وإظهار احترام لسلطة الرجل في بيته، وعلى من يدخل داره. وغالباً ما يأتي الرد من صاحب الدار بعبارة مثل:- شرفتوا، ولا كلفتوا.وقد يرد الضيوف الذين يهمون بالمغادرة رداً على كلام المضيف بعبارة مثل:- أكرمك الله، وأغناك..وهناك إضافات كثيرة تقال لكل حالة وتزاد فيها ألفاظ وتنقص أخرى. هذا المثال يمكن تعميمه على معظم المواقف في حياة الناس، بمعنى أن كل جنس يستخدم تراكيبه الخاصة به، وعلينا أن نعرف أن هذا الأمر مقبول بل ومطلوب اجتماعياً لكونه آلية التواصل المتفق عليها بين أفراد المجتمع بصورة ضمنية. وأكاد أزعم أن الحياة الحديثة وربما درجات من الانصهار بين السعوديين بحكم العمل، والهجرة، والتعليم جعلت هناك مصطلحات جمعية يستخدمها أغلب الناس، من ذلك التهنئة بمولود على سبيل المثال، باتت واحدة من الجنسين وبين الجنسين الذكور، والإناث، حيث تستخدم عبارة مثل:- يتربى، أو تتربى بعزكم.بينما كان الرجال يباركون للوالد أو الوالدة بقولهم:- جعله أبرك من أبيه، وجعله جد قبيلة.أي عسى أن يكون فيه من البركة لنفسه، ولمجتمعه أكثر مما لدى والده، والأمنيات له بالعمر الطويل، وكثرة الأحفاد حتى يصبح جداً. بينما في العادة لا تزيد تهنئة النساء لبعضهن عن الدعاء للمولود بالبركة والصلاح. والله أعلم.@salemalyami