يدخل رمضان علينا بإشعار الهلال، فنستقبله بفرح عظيم، ففيه أمنياتنا الصغيرة تصطف تباعا أمام أبواب السماء العظيمة المفتوحة على مصرعيها، ومع أمنياتنا مرافق دائم وهو الثقة المطلقة بأن الكريم سيجود علينا من فضله، وفي هذا الشهر قد يلبسنا بجانب تحقيق أمنياتنا حلل العتق مزينة بأجور الطاعات موسمة برضاه.رمضان الركن الرابع من أركان الإسلام، الذي فيه فعل الصوم يتحول في مآله لمفتاح، فيفتح من أبواب الجنان بمشيئته لنا باب الريان، أود أن أقرأ معناه معكم بطريقة أخرى فلا أنظر إليه فقط على أنه ركن واجب القيام به، بل سأقرأه على أنه مجموعة أيام يحصرها شهر فيه الجسد يختبر قواه الكامنة، فهو الذي لا يستطيع أن يصبر عن الطعام والشراب، وأمور أخرى يصبر في هذا الشهر راضيا باستسلام؛ فلنجعل من أيامه مدرسة تدربنا على الصبر في سائر أيامنا، فأمور كثيرة في عامنا منثورة يمكننا الاستغناء عنها ولكن لا نطيق لأننا لا نقوى الصبر.العبادات التي نؤديها طوال العام لسبب ما نتلذذ بها في رمضان كعبادة الانصياع لأوامر الله، فهناك شيء ينيرها لأننا نرى في إمساكنا عن الطعام والشراب صورة مجسدة للطاعة محسوسة، فنستشعر مراقبة الله لا نغفل عنها فلا نشرب عمدا ثم نستغفر ولا نتجرأ على أي شيء قد يبطل صيامنا، فنحن نفهم جيدا معنى التحسر، تلك العبادة التي نستشعرها في رمضان ماذا لو واكبت أيامنا في باقي العام، هل عن مراقبة الله لنا سنغفل؟الصلاة جوهر العبادة تزيد ركعاتها في رمضان ونجد السنن، التي قد نتركها طوال العام قد لا يبلغ عددها عدد ركعات التراويح والقيام، فيستوقفنا حديث «إن ما نقوم به في شهر نحن قادرون على أن نقوم به طوال العام»، فنتذكر أن الأجور بحر، ونحن الوحيدون القادرون على أن نختار فيها كيف نعوم ونبحر.العمل في رمضان نجوده ورغم مشقة الجسد نبذل جهدا إضافيا، فنحن نستشعر معنى الأجر، وكيف يتضاعف، فلا نقبل أن يكون متقنا، بل عالي الإتقان، ماذا لو جعلنا تدربنا على تجويد العمل في رمضان نهجا يرافقنا إلى ما بعده، ويتجدد تدريبنا كل عام عندما يزورنا هذا الشهر.لو أعدنا قراءة رمضان وبجانب كونه ركنا جعلناه مدرسة وبابا لفهم أعمق لمصطلح «كيف نحيا الحياة»، سنستطيع أن نجعل المعاني أكثر جلاء وأقرب لإصلاح النفس والجسد والروح.* مصطلح«التراويح» تروح النفس، نطلبها لا تطلبنا، ركعات تزورنا مرة كل سنة، وقد تمر بنا فتتفقدنا ولا تجدنا بعد سنة، فاحرصوا عليها.@ALAmoudiSheika