(جسدي ثورة وليس عورة، جسدي ملكي، شرفي في رأسي، أنا حرة بلباسي)، كل هذه الشعارات بدأت تنتشر بين الأوساط النسائية وتكتسح عقول البنات في سن المراهقة، فتؤثر على سلوكهن بنزع الحجاب والدعوة للحرية العاطفية والجنسية، وهي نداءات غربية تتناسب مع الواقع الغربي العلماني، حتى أن رائدة النسوية الغربية سيمون دو بوفوار اختصرت كل الشعارات النسائية بقولها: «إن المرأة تولد إنسانا… ثم تصبح امرأة»، وكلامها صحيح بالنسبة لواقعهم الذي يعيشونه، ولكنه غير صحيح بالنسبة لثقافتنا وديننا الإسلامي.نعم إن واقعنا يشهد ظلم الرجل للمرأة سواء كان أخا أم أبا أم زوجا، من خلال تعنيفها واضطهادها، أو بسوء استخدام حقه بالقوامة والطلاق والتعدد، أو بحرمانها من حقها في الميراث وفي التملك والتعليم أو في التعبير عن رأيها والمشاركة السياسية، فإن مثل هذه الشعارات تنتشر بسرعة وتتبناها المرأة بسبب الظلم والمعاناة التي تعيشها مع الرجل، ولهذا مهم جدا أن تكون هناك جمعيات نسائية تطالب بكل الحقوق التي كفلها الله للمرأة المسلمة، وأن تحارب العنف ضد الزوجات والتعسف في استخدام الرجل لحق الطلاق والتعدد، والظلم الذي يمارسه الرجل في الميراث وبعض الأحكام الجائرة التي تصدرها المحاكم بحق بعض اللاتي يلجأن إليها لتحصيل حقوقهن.ومن مهام هذه الجمعيات أنها تقوم بالدعم النفسي والمالي للمطلقات والأرامل العاجزات عن العمل، وللمغتصبات والمتحرش بهن، وللمعنفات من قبل الأزواج أو الآباء أو الإخوة، وتعمل على تمكين النساء في الحياة عبر تحصيل حق التعليم وحق العمل وحق التملك وحق التعبير وحق المشاركة في الحياة السياسية والمناصب الرفيعة، وأن تعمل على تحقيق المساواة في فرص العمل وفي الرواتب وفي منع تسليع المرأة واستغلالها تجاريا أو جنسيا، كما وتبين أهمية خلق الحياء والعفاف والستر.إن عدم وجود مثل هذه الجمعيات هو الذي يفتح المجال للشعارات مثل (جسدي ثورة وليس عورة، وأنا حرة بلباسي، ونشر مفهوم المساكنة بين الرجل والمرأة، وشرفي في رأسي)، للتسلل إلى مجتمعاتنا وبيوتنا لنشر مفهوم التحرر الجنسي، ومفهوم الثورة على كل الرجال، ولنشر بذور التفرقة بين الزوجين، فضلا عن الدفاع عن حقوق كل الشاذين والشاذات جنسيا، فوجود مؤسسات أو جمعيات نسائية تحدد رؤيتها ورسالتها من منظور إسلامي شرعي ترفع لواء الدفاع عن حقوق المرأة وتسعى إلى التجديد في الخطاب الديني ومحاربة كل ظلم يقع عليها أصبح ضرورة ملحة اليوم قبل أن يتحكم الفكر النسوي بمنظوره الغربي في مجتمعاتنا حتى يصبح الواحد منا غريبا بين أهله وأقربائه، مع مراعاة أن التوازن مطلوب، فكما أن الدفاع عن المرأة مطلوب، فكذلك الدفاع عن الإسلام وأحكامه وأخلاقه وقيمه مطلوب كذلك، فالانحياز الكامل للمرأة دون التحدث عن مظلومية الرجل في كثير من الأحيان خطأ كبير، فالنساء لسن دائما على حق، والرجال ليسوا دائما على باطل، والمسلم عادل في قوله كما قال تعالى: «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى».فرجل يمارس القوامة بشكل خاطئ على زوجته ليس أفسد من رجل يرضى المنكر في أهله، فالأول يجب إصلاحه والثاني تجب محاربته وتوجيهه، وامرأة خاضعة ضعيفة لزوجها ليست أفسد من امرأة مسترجلة تدعو إلى التحرر من الأخلاق والقيم، فالأولى نسعى إلى تقويتها والثانية نسعى إلى مواجهتها وتوجيهها وهكذا، فالمهم تحقيق العدل الرباني في الحياة المهنية والأسرية والحياتية بين الرجل والمرأة، فالإسلام عامل الرجل والمرأة بالعدل بمنهج رباني منصف، وبعدنا عن ديننا يقوي البضاعة الغربية التي لا يحكمها العدل الرباني.@drjasem