يعتبر توقيت المقال للحديث عن ثقافة الإسراف والإقبال غير المبرر لشراء المواد الغذائية وكأن البيوت خالية على الشراء قبل رمضان وبشكل متكرر كمَن يحاول تسجيل أهدافه في الوقت الضائع.فمثل هذه السلوكيات الموسمية بمثابة أرض خصبة لزراعة حبوب طمع التجار لقطف ثمار الجشع مع كل موسم، ولكن نستطيع نحن معشر المستهلكين و المُستهَلكين أن نكافح غلاء الأسعار في المواسم وغيرها لتصبح لدينا حصانة أو تبلد اتجاه إعلاناتهم مهما كانت مغرية وإن وصلت الخصومات إلى ما يقارب الـ 90 % أو إيهامنا بأن الكميات محدودة للمسارعة في الشراء.والحل بكل بساطة أن تصبح لدينا ثقافة مجتمعية نجيد من خلالها العزوف عن الشراء كلما ارتفعت الأسعار دون مبرر واستبدال كل سلعة غلا ثمنها بسلع أقل كلفة مستذكرين ما قاله اثنان من الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-.فقد جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اشتكوا من غلاء الأسعار وجشع التجار قائلين: يا خليفة رسول الله نشتكي إليك غلاء اللحم فسعّره لنا، فقال: أرخصوه أنتم!! جواب صادم وطبيعي أن يكون كذلك في عقولهم وكان ردهم، نحن نشتكي إليك غلاء أسعار اللحوم عند الجزارين وتقول أرخصوه أنتم وكأننا نحن مَن يملك اللحوم!! فقال مقولته الشهيرة: اتركوه لهم. وهذا ما يعرف في وقتنا الحاضر بالمقاطعة، وهناك نظرية أخرى تعرف باستخدام البدائل عند ارتفاع بعض السلع وللخليفة الراشد علي بن أبي طالب طرح اقتصادي جميل يرتكز على إيجاد البدائل للوقوف في وجه الغلاء ومكافحته واستبدال السلع الغالية بسلع تقوم مقامها بأقل تكلفة، فعن رزين بن الأعرج، قال عندما زادت أسعار الزبيب اشتكينا إلى الخليفة علي بن أبي طالب بأن التجار قد رفعوا سعر الزبيب، فقال استبدلوه بالتمر الأرخص والمتوافر بالأسواق، وبهذه النصيحة قل الإقبال على الزبيب مما جعل تجار الزبيب يراجعون حساباتهم فهم أمام نظرية العرض والطلب، خاصة عندما تكدس الزبيب لدى التجار نتيجة استبداله بالتمر، والنتيجة الحتمية أن رخص الزبيب مما جعل تجار (الهايبر)!! في ذلك الوقت يعيدون حساباتهم.. قد تبدو لكم كلمة (هايبر) طرفة في سياق المقال ولكنها واقع، ففي كل زمان ومكان هناك تاجر ومستهلك ومحلات للبيع، وأخرى للتخزين (مستودعات) وبين هذا وذاك يأتي دور سلاسل الإمداد للشرايين النابضة، ولكن المواصفات ونوعية البضاعة والحجم والعملات والناس تختلف.. وتبقى الفكرة واحدة وما نجح في عهد خليفتي رسول الله ينجح في زماننا!أيضا اختيار التوقيت أثناء التسوق فلا يكون قبل الإفطار لأن أغلب الحواس أثناء الصوم تفرض على المتسوق الشراء، أمر آخر لا يقل أهمية تقنين عملية الشراء ما يعني شراء أغراض تكفي لمدة أسبوع بالكثير وهذا السلوك الواعي يجعل الأطعمة تبقى على أرفف (الهايبر) متوافرة، وعليه ستتوقف أو تقلل سلاسل الإمداد مما ينعكس على مستوى أشمل بأن هناك وفرة في العرض، وهذا يساهم في التخفيف من استنزاف جيوب المستهلكين يقابله (تركيع) في الأسعار!!وكلما استمر التجار في فنون الجذب وهذا من أبسط حقوقهم علينا نحن المستهلكين أن نستمر في الترشيد مع زراعة ثقافة التوفير في أفراد الأسرة لنكون على مستوى عالٍ من الوعي فلا ننجر لشراء أكثر مما نحتاج لأن عليه تنزيلات..إذا نجحنا في التطبيق، فقد نجحنا في شد الحزام دون ألم وكل عام وأنتم بخير…Saleh_bunaitem@