ثلاثة أقنعة سقطت عن المجتمع الدولي ومؤسساته أثناء الحرب الروسية الأوكرانية كاشفة عن زيف من المثاليات الأخلاقية الغربية، التي تداعت سريعاً في أول اختبار حقيقي.أول هذه الأقنعة هو استقلال المنظمات الدولية، خصوصاً الرياضية منها، التي ترفع شعارات من نوع «الرياضة تصلح ما تفسده السياسة» و«الرياضة تقرب الشعوب» و«الرياضة يجب أن تبقى للكل بعيداً عن السياسة»، فبعد أيام قليلة من الغزو الروسي لأوكرانيا نهاية فبراير الماضي، توالت القرارات من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضد روسيا، التي بدأت بطلب أن تلعب مبارياتها دون علمها ودون نشيدها الوطني قبل إعلان استبعادها من كأس العالم، وتعليق مشاركة منتخباتها وأنديتها في المسابقات الدولية، في تمييز واضح ومضر بعدد كبير من الرياضيين والمدربين وموظفي الأندية والمنتخبات الوطنية، إلى الملايين من المشجعين الروس والأجانب، الذين لا دخل لهم في الحرب، وينتظر من المنظمات الرياضية الدولية حماية مصالحهم وحقوقهم في المقام الأول.ثاني هذه الأقنعة هو استقلال المؤسسات القضائية، سارعت سلطات بعض الدول الأوروبية في تجميد الأرصدة، وفي مصادرة الممتلكات الفاخرة، التي يمتلكها الأوليغارشيون -نخبة الأثرياء- الروس كجزء من العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا. فبالقرب من مارسيليا، صادرت سلطات الجمارك الفرنسية يختاً لإيغور سيشين، وهو رئيس شركة النفط الروسية الحكومية روسنفت. وصادرت السلطات الألمانية يختاً، تقدر قيمته بـ600 مليون دولار، يمتلكه علي شير عثمانوف. في حين بدت بريطانيا أقل تعسفاً وهي تقول على لسان وزيرة الخارجية ليز تراسننا نعمل على إعداد قائمة بالمستهدفين مع التأكد من أن القضايا معدة بشكل مناسب مع الأدلة الصحيحة قبل المعاقبة.وثالث الأقنعة هو استقلال مؤسسات الإعلام ومنصات الإعلام الجديد إذ رأينا كيف تماهت كبرى المؤسسات الإعلامية الأمريكية والبريطانية مع مواقف الدول الغربية، التي تمثلها وتنازلت عن أساسيات في الصحافة وحرية التعبير.الأزمات هي الاختبار الكبير للقيم والمثل الأخلاقية، التي يتغنى بها الغرب وقت الرخاء ويتنازل عنها متى شاء.