الخوف والقلق لم يمهلا والدتي عندما أصيبت بمرض السرطان، وهي لم تكن على يقين بمرضها، حتى انتقلت بعد ذلك إلى جوار ربها في اليوم الثالث من جَوْف غرفة العناية المشددة. مما أدى إلى ظهور الحزن والخوف في ملامحنا وتجاعيد وجوهنا. فكانت الصدمة الأولى انتقال خبر مرضها، ورحيلها المفاجئ كان الصدمة الثانية، والذي تسبب لنا بألم عظيم.فالجانب النفسي والاجتماعي لأي شخص يتم تشخيص إصابته بمرض خطير كالسرطان يكون له الحيز الأكبر في إنجاح العملية العلاجية ومساعدة الفريق المعالج – فاليوم لا تخلو معابر المستشفيات من أقسام الطب النفسي والخدمة الاجتماعية، فهم شركاء في النجاح مع الفريق المعالج، ولا يمكن إغفال أدوارهم الفاعلة.فالأخصائيون الاجتماعيون – ومَن يعملون في مجالاتهم السلوكية – يعملون ضمن منهجية البحوث العلمية الاجتماعية وفلسفة الخدمة الاجتماعية وطرقها (خدمة جماعة وفرد وتنظيم مجتمع). وتستند مبادئهم على مبدأ التقبُّل، ومبدأ السرية وحق تقرير المصير. وتأتي مهارات الأخصائي الاجتماعي بالمقام الاول في استخدام منهجية الخدمة الاجتماعية، والتي يعول عليها كثيرًا؛ لأنه ورغم كل الجهود التي قد تُبذل الا أنهم يجابهون صخرة التحدي الكبيرة؛ لأنهم يعملون مع سلوك بشري صعب السيطرة والتحكم في مشاعره والتبوُّء عنه.فالشخص المريض بنفسه وقناعته وثقافته ومحيطه الاجتماعي هم جزء رئيسي ضمن فريق العمل المعالج، وإنجاح العملية يكون من دور الأخصائي الاجتماعي في استخدام مهاراته لتوليد القناعة لدى الشخص المريض ليتقبل وضعه الجديد.وإذا لم يستطع المريض مساعدة نفسه فلن يستطيع الأخصائي الاجتماعي وبقية الفريق مساعدته، إذ إن انهزام نفسية الشخص المريض وخوفه يضعفان الجهاز المناعي، وقد يؤديان إلى تخبّط في العلامات الحيوية من أكسجين وضغط ونبض دقات القلب.وهذا ما حدث مع والدتي “رحمها الله تعالى” بواسع رحمته.