أصبحت الحرب الروسية الأوكرانية أحد الأحداث التي فرضت نفسها على الساحة الإعلامية، بسبب تأثيرها على جميع دول العالم، فقد يظن البعض أنه بعيد عن تلك الحرب، أو أنه لن يتأثر بتبعاتها، ولكن العالم الذي تطور وأضحى قرية صغيرة، أي حدث يحدث فيه يؤثر على كافة الدول، وتعتبر وسائل الإعلام إحدى أهم الأدوات المسؤولة عن نقل الأحداث لنا حول العالم.بداية الأزمةكانت بداية اشتعال شرارة الحرب باعتراف روسيا بمنطقتي (دونيتسك) و(لوهانسك) الشرقيتين في أوكرانيا اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون، واللتين اعترفت بهما بوصفهما كيانين مستقلين، ولتبدأ بعدها فصول الصراع بين الدولتين حتى أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عملية عسكرية روسية واسعة في أوكرانيا، وذلك بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف.الحرب الروسية الأوكرانية في نقاطومن خلال المتابعة لردود الفعل العالمية، نجد أننا أمام مجموعة من النقاط الأساسية:أولًا: يبدو أن الوضع العالمي لم يكن مستعدًا لخوض أية حروب في تلك الفترة، خاصة مع الأوضاع الاقتصادية المضطربة وارتفاع معدلات التضخم بسبب جائحة كورونا، وما استتبعها من إجراءات لتعافي الدول من آثار هذا الوباء خلال السنوات الماضية.ثانيًا: على الرغم من التحذيرات الكثيرة بشبح قيام حرب عالمية ثالثة تأكل الأخضر واليابس، إلا أن روسيا لم تأبه لتلك التحذيرات، خاصة مع شعورها بتهديد أمنها القومي بسبب دعم الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا (الكتلة الغربية) لأوكرانيا، سواء على مستوى الأسلحة، أو محاولة أوكرانيا للانضمام لحلف «الناتو»؛ الأمر الذي يُعد تهديدًا مباشرًا لروسيا القوى الثانية عسكريًا على مستوى العالم.ثالثًا: بناءً على ما سبق، فقد لجأت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لمجموعة من العقوبات الاقتصادية القاسية على روسيا، باعتبار الاقتصاد الأداة الأهم بعد قوة السلاح في التأثير على الدول، وهو ما تسبب بالفعل في عزل روسيا عن كثير من الدول، وتراجع العملة الروسية وارتفاع معدلات التضخم داخل الدولة، ليبقى السؤال حول الطرف الذي يتمتع بالنفَس الأطول في القدرة على الاستمرار.رابعًا: على المستوى الإنساني.. نجد الكثير من التناقض في هذه الحرب، حيث ظهر تيار يردد أن على الغرب تذوّق مرارة الحرب والتهجير القسري للمواطنين في أوكرانيا، مثلما يعاني أشقاؤنا في فلسطين وسوريا وغيرها، ولكن تبقى الإنسانية لا تتجزأ، والمبدأ واحد في رفض أشكال العنف والقتل والتدمير.أما على مستوى الغرب، فنجده انتفض بسبب الحرب على أوكرانيا، ولكنه يتعامل مع الانتهاكات التي تحدث في المنطقة العربية على مبدأ (لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم)، مما يكشف ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع حقوق الإنسان.التغطية الإعلامية للحرب الروسية الأوكرانية.. ازدواجية المعايير:وفي سياق متصل، كشفت الحرب الروسية الأوكرانية ازدواجية المعايير واختلاف الأطر المستخدمة في المؤسسات الإعلامية، كلٌّ حسب توجهاته السياسية، فنجد أن تغطية الوسائل الإعلامية تباينت حسب وجهة نظر كل دولة من الأحداث.حيث ظهرت سياسة الانتقاد والهجوم في وسائل الإعلام الغربية والأمريكية، وعلى النقيض كانت وسائل الإعلام الروسية تبيِّن أن روسيا تدافع عن مصالحها ولا تريد الحرب إلا لتحقيق أهدافها، في حين كانت وسائل الإعلام العربية أكثر حيادية والتزامًا من الجانبين، حيث عرضت كافة الآراء المتعلقة بردود فعل الأطراف المختلفة.ولعل تغطية وسائل الإعلام تساهم بشكل أو بآخر في صناعة وتشكيل الرأي العام، خاصة داخل جمهور كل دولة، وليس بالضرورة أن تتسم تلك التغطية بالاحترافية، بل الهدف الأساسي هو استخدام الأطر الإعلامية التي من شأنها خدمة مصالح الدول عن طريق وسائل الإعلام.@Media_Pr27