يمر العالم في السنوات الأخيرة بمتغيرات متسارعة وتطورات متتالية على جميع الأصعدة، بفعل العولمة والثورة العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية، التي انعكست آثارها على جميع تفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ما أدى إلى سعي المنظمات العالمية الحكومية والخاصة إلى مواءمة روح العصر الجديد، وتلبية متطلباته كي تضمن البقاء والاستمرار والنجاح، وقال أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز، د. علي القرني إن القيادة هي سر نجاح تلك المنظمات وجوهر العملية الإدارية بها، وذلك لتحقيق الفعالية العالية والانسجام مع التغيرات المستمرة، لقدرتها على التأثير في الآخرين وتوجيه جهودهم لتحقيق أهدافها المنشودة.المورد البشريوأوضح أن القيادة حظيت باهتمام الباحثين، فتعددت مداخلها وأنماطها التي تمثل مجموعة السلوكيات التي يوجه بها القائد أفراد منظمته بما يحقق أهدافها وأهداف العاملين فيها، ويعد التزام الموظف في عمله أمرا مهما لضمان ذلك إذ يبقى المورد البشري العامل الحاسم في أي نجاح تحققه المنظمة مهما كانت مواردها المادية، فالمحافظة على الموارد البشرية الملتزمة وتطوير قابليتها تحد يواجه القيادة بشكل مستمر.القيادة الخادمة وأضاف إنه على الرغم من أن القيادة تعد من الظواهر القديمة في العلوم الاجتماعية عامة والإدارة خاصة، فإنها ما زالت مجالا خصبا لاكتشاف أنماط جديدة للقيادة، ومنها ذلك النمط الذي يحرص على بناء مناخ تنظيمي متماسك بين المرؤوسين يصنع الألفة والوحدة داخل المنظمات، ويسمى هذا النمط «القيادة الخادمة».أبرز المميزات وأشار إلى أن من أهم مميزات القيادة الخادمة، أنها تقوم على مبدأ إيثار القائد للآخرين وتفضيلهم وتقديمهم على مصالحه الشخصية، والتخلي عن فكرة السيطرة عليهم بتمكينهم وإظهار المودة والاحترام والتقدير لهم، ما يؤدي إلى تنفيذ أوامره ليس خوفا منه أو من سلطاته وصلاحياته، وإنما تقديرا واحتراما لما يقدمه من خدمات لهم، وما يبديه من اهتمام بمصالحهم وتوفير احتياجاتهم المهنية والاستجابة إلى رغباتهم وتطلعاتهم في بيئة العمل، كما تعد القيادة الخادمة وفق هذه المبادئ الأسلوب القيادي، الذي يشمل أعلى مستويات الأخلاق والعطف البشري.الأمانة الشخصيةوتابع أن القيادة الخادمة تختلف عن الأنواع الأخرى من القيادة، لأنها تركز على الأمانة الشخصية والعلاقات الإستراتيجية مع المرؤوسين، وتقديم خدمات مجانية لكسب ثقة الأتباع، والقائد الخادم لا يجعل نفسه في مركز بؤري بين العاملين، فهو يوفر لهم الدعم والموارد دون توقع شكر أو تقدير منهم، ولا شك أن سلوكياته الخدمية تجاه فريق عمله تجعل دوره محوريا، وتدفع به نحو مركز القيادة. أهمية قصوى وأكد أن للقيادة الخادمة أهمية كبيرة في نجاح المنظمات، لتركيزها بالدرجة الأولى على خدمة وتنمية رأس المال البشري الذي يمثل الركيزة الأساسية في تحقيق أهدافها، فهي فضلا عن كونها تعمل على الاستجابة لاحتياجاتهم الذاتية، فهي تعمل على غرس مبدأ التعلم المستمر في العاملين من خلال إشعارهم بالاستقلالية والنمو، كما أنها تحقق نتائج إيجابية للآخرين للسلوكيات التي يبديها القائد من تغليب مصالحهم على مصالحه الشخصية، والاهتمام بخدمتهم ومساعدتهم في تحقيق النمو والتطور، ومساعدتهم والعمل معهم لبلوغ الأهداف التي يسعون إليها.6 أبعاد ونظرا إلى هذه الأهمية الكبيرة لأسلوب القيادة الخادمة، سعى الباحثون إلى بناء مقاييس ونماذج مقننة لها تتشكل من أبعاد، تم استنباطها من نموذج روبرت جرينليف، وأشار الباحثون إلى مجموعة من النماذج للقيادة الخادمة، كان من أهمها نموذج لوب عام 1999، الذي تضمن 6 أبعاد رئيسية هي: تقدير الآخرين، وتنمية الأفراد، وبناء المجتمع، وإظهار الأصالة، وتوفير القيادة، والمشاركة في القيادة.القيادة الناجحة قادرة على تحقيق الفعالية والانسجام مع التغيرات المستمرةالحفاظ على الموارد البشرية الملتزمة وتطويرها تحد دائم يواجه القيادةالتزام الموظف في عمله أمر مهم لضمان تحقيق النجاح المأمول للمنظمةالقيادة الخادمة تركز على بناء العلاقات الإستراتيجية الجيدة مع المرؤوسين