إننا ندرك تماما أهمية تجفيف منابع الإرهاب عبر استهداف رؤوسه بتصفيتهم ومدى تحقيق نتائج مباشرة على الميدان، ولا شك أنه نتيجة شرعية ومنطقية وتحصيل حاصل لأمر کان لا بد من وقوعه، خصوصا أن قادة الإرهاب ارتكبوا جرائم في حق الأبرياء بغير وجه حق وأن ما قد ورد في الکتاب المبين: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، وإن نهايتهم کانت لا بد أن تكون بهذه الصورة بعد أن ذهبوا في طريق الضلال والتيه بعيدا، وجعلوا من الدين الإسلامي الوسطي المعتدل الذي جاء رحمة للعالمين، مشروعا للقتل والإبادة الجماعية للمسلمين قبل غير المسلمين.وفي المقابل، فإن نهاية زعماء الإرهاب في منطقتنا مع أهميته، لا يمكن أن يكون إنهاءً لهذا الفكر الضال المتطرف والمنحرف، لأن هذا الفكر متجذر في المجتمعات ومازال ينقل ويدرس من أجل إکمال هذه المسيرة الضالة المضلة، لا سيما إذا ما کانت الأرضية والأجواء مهيأة ومناسبة لذلك تماما، وإننا نعلم جميعا أن هذا النمط من الفكر المنحرف الذي نرى أن الإسلام منه براء، لا يزال له دوره وتأثيره لأن هناك مَن لا يزال يٶمن به.*مواجهة الفئة الضالة مهمة صعبة بنتائج قيمة*إن التصدي للفهم المحرف وتصحيحه مهمة صعبة ومعقدة لا تتم بين عشية وضحاها، لكنها مع ذلك ممكنة التحقيق، خصوصا إذا ما کان هناك عزم راسخ نابع من الإيمان بالإسلام الحقيقي والواقعي وتقديم الفهم والتفسير الحقيقي للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، التي أخذت على محمل هو غير محملها الحقيقي، وانطلاقا من قناعتنا فإن مهمة التصدي لهذا الفكر الضال المنحرف يتطلب أن نسلط الأضواء على الإسلام وبصورة شفافة وبسيطة کما کان يفهمه آباؤنا وأجدادنا طوال القرون الماضية، حيث عاش المسلمون إلى جانب المسيحيين واليهود والصابئة والإيزيديين وغيرهم في سلام ووئام، وإننا لو عرضنا الصفحة السوداء للفئات الضالة المتطرفة على القرون الماضية لوجدناها غريبة وشاذة بالنسبة لها.*محاربة الفكر الضال عبر البعد الفكري سبيل للقضاء عليه*لو قارنا بين الامكانات والجهود الكبيرة، التي يتم تخصيصها لمواجهة حركات الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي من التنظيمات الإرهابية عسكريا وأمنيا، وبين الإمكانات والجهود الموظفة فكريا وثقافيا لوضع حد للفكر المنحرف الضال، لوجدنا الفرق بينهما شاسعا لصالح الأولى، وإننا مع تفهمنا لأهمية وضرورة التصدي العسكري والأمني لهذه الجماعات الإرهابية الضالة، فإن الصراع ضدها إذا لم يشمل البعد والجانب الفكري والثقافي فيها، فإن عملية الصراع تلك ستكون غير متكاملة، لأن الأرضية برأينا أشبه ما تكون بالبٶرة الآسنة، التي تخرج منها الحشرات والجراثيم الضارة وإن ردمها هو العلاج الوحيد لها، وبطبيعة الحال، فإن ردم بٶر الفكر المتطرف والإرهابي يكون من خلال طرح بديله الحقيقي الذي لا يقصيه فحسب، إنما يمحيه من الوجود من جهة ومن جهة أخرى يلفت الأنظار إلى النبع الصافي الرقراق للإسلام المعتدل والوسطي، الذي جاء به سيدنا محمد «صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم».وعليه لقد آن الأوان لكي يكون هناك تحرك عملي واسع النطاق وفي المستوى المطلوب، من خلال تخصيص إمكانات کفيلة بجعله واقعا ملموسا يصل إلى کل مكان يعمل على سد الطرق والمنافذ والأبواب وإغلاق الأجواء بوجه الضالين المتطرفين في إلحاق الهزيمة الحقيقية الفاصلة بالفكر الضال والمتطرف واجتثاثه من الوجود.@Elhusseinif