«شد الرحال» يجسد فنيا طريق زيارة المساجد المقدسة الثلاثة

لطالما استلهم المبدعون أعمالهم من شهر رمضان المبارك وما ارتبط به من ممارسات وعادات دينية وروحانية، بحيث تعكس بعض الأعمال الإبداعية والفنية جانبا من هوية المبدع، ومؤخرا جذب العمل الفني «شد الرحال» للفنان السعودي سلطان بن فهد أنظار جميع زوار النسخة المنصرمة من بينالي الفن المعاصر، إذ جاء العمل بتكليف من مؤسسة بينالي الدرعية، كما أن البعض شد رحاله خصيصا ليستمتع ويفهم هذا العمل الفني. خيمة قماشيةويأتي العمل بشكل خيمة من القماش حجمها 3x3x5 أمتار مطرزة بالخرز، وهو عبارة عن تركيب واسع النطاق لغرفة تشبه الحلم تكونت من عناصر عديدة، منها الخيمة والخرز وستائر هندسية ملونة، وزينت الجداريات بصور الحج وصور من القرآن الكريم، كما تحتوي الأرضية الزجاجية على إضاءة «لِد»، ما يكون خداعا بصريا، واستُلهم العمل الذي استغرق تنفيذه حوالي شهرين، من شهادة حج من أربعينيات القرن الماضي، وهي شهادة كان حجاج شمال أفريقيا وبلاد الشام يتداولونها بعد عودتهم من مكة المكرمة، ويدمج المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى.ملايين الخرزاتويشير استخدام ملايين الخرزات إلى ما قبل العصر الحديث، إذ كانت تستخدم كعملة تداول، ولعبت دورا رئيسا للحجاج، كما يعود أصل العمل الفني إلى عمل من الأربعينيات لرجل زار المساجد المقدسة الثلاثة، وأراد عملا لإحياء ذكرى حجه، وحاول من خلال استخدامه الألوان التقليل من الألوان النارية والتكثير من الباردة، لإعطاء إيحاء بأن يقضي الشخص داخل العمل أكبر وقت، كما يهدف العمل إلى وضع من يراه ويدخل في الخيمة في عقلية الحاج الذي يأمل في تجربة واحدة من أهم الرحلات الروحانية الإسلامية، وهي الحج من مصر إلى مكة والطرق التي يجتازها المسلمون الحجاج القادمون من وسط أفريقيا وجنوب أوروبا.كما يطمس العمل الخطوط الفاصلة بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويمزج الذكريات المجزأة، والمنطق السريالي للأحلام، والقدرة التوسعية للخيال، ويدعو العمل إلى تذكر القدرة التجاوزية للحج فيما مضى وتجرية الارتقاء الروحي أو الحلم بتجربتها أول مرة. طرق أفريقياوحول سبب تسمية العمل بـ «شد الرحال» قال سلطان إنه اقتبسه من الحديث النبوي الشريف «لاَ تُشَد الرحَالُ إِلا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ»، موضحا أن هذا العمل أول مشاركة له في البينالي، كما أنه خلاصة بحث في هذا المجال، وهو خطوط وطرق الحج القديمة، وطريق الحج المصري، الذي يكون بالمجمل من أفريقيا، وهذه طرق غير معروفة لدى الأغلب، فمعظم الناس يعتقدون أن طريق الحج المصري فقط من مصر، ويغفل عن أذهانهم أن أفريقيا يوجد بها عدد كبير من المسلمين. شهادة الحجوأكد أن الإلهام الرئيسي للعمل هو «شهادة الحج»، إذ كان الحجاج سابقا يوثقون ويسجلون رحلاتهم عبر الرسومات وغيرها في منازلهم أو عبر الشهادة، كما استخدم «شهادة الحج» التي وجدها في إثبات أن العمل يحتوي على مجموعة من الذكريات والأحلام، مشيرا إلى أن التحديات التي واجهها في العمل تكمن في مرحلة التصميم، والبحث عن الصور وطريقة التصميم على وجه التحديد، لأنه يعد عملا توثيقيا، وكانت الكتابة في التصميم أسهل من الرسم نفسه. وحرص سلطان أن تكون الكتابة صحيحة في كل أجزاء العمل وخصوصا الآيات القرآنية، وأن يفهم المتلقي العمل والمقصود منه، وتتميز أعماله دائما بأن تفهم وتحس دون أن تقرأ.العمل يضم ملايين الخرزات التي كانت تستخدم كعملة تداول قديماالأصل مستلهم من عمل في الأربعينيات لرجل زار المساجد الثلاثةالإلهام الرئيسي هو شهادات ورسومات الحجاج القدامى بعد رحلاتهم