تحدث كثير من مشكلات الإنسان في الحياة بسبب غياب المشاعر الإيجابية أو ظهور المشاعر السلبية، على سبيل المثال فإن اختفاء الحب والمودة والرحمة من العلاقة الزوجية يمكن أن يسبب ظهور الكثير من المشكلات الزوجية، وغياب اللطف والرفق واللين من العلاقات الاجتماعية يخفي التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع، الذي يعد من أكثر الأمور أهمية لبناء مجتمع حيوي ومتطور، وعلى مستوى الفرد فإن الخوف عندما يصل إلى مستوى القلق السريري «المرضي» يعطل قدرات الإنسان. سوء الاستخداموأوضح الأخصائي النفسي ناصر الراشد، أننا أحيانا نستهلك الكثير من المشاعر بسبب موقف بسيط «كأن يكسر طفل كأسا»، وكثير من العلاقات الاجتماعية فقدت كل شيء يرتبط بالمستقبل، سواء في العلاقة الزوجية أو في شيء يرتبط بجوانب الحياة الأخرى بسبب سوء استخدام المشاعر، وبعض الأبحاث العلمية تذهب إلى أنه لا توجد مشاعر سلبية، بل يوجد سوء استخدام للمشاعر، فإدراكنا لأهمية المشاعر في حياتنا يساعدنا على الاستخدام المناسب لها في مواقف الحياة المتعددة، وبشكل مختصر فإن المشاعر تسهم في الحفاظ على حياتنا عندما نتعرض إلى مواقف تهددنا، أيضا تساعد على التكيف مع المواقف الحياتية مثل الصبر والتسامح واللطف، وذلك للتواصل مع الآخرين وأيضا تجنب الألم النفسي، كما نسعى إلى المتعة للحصول على مشاعر البهجة والسرور. الشعور بالخسارةوأضاف أنه لا بد أن يكون الإنسان لطيفا بقدر مناسب، لأن المبالغة في استخدام المشاعر قد تؤدي إلى الشعور بالخسارة النفسية، فعندما يكون الإنسان من النوع السلبي في التواصل، لا يستطيع قول كلمة بشكل مناسب بسبب الخجل أحيانا، أو بسبب الرغبة في الحصول على الاستحسان الاجتماعي، واعتقاده بأنه سوف يكون إنسانا سيئا غير مرغوب فيه إذا لم يقدم للآخرين كل ما يطلب منه. خصائص المشاعر وتابع: تشير الدراسات في أغلبها إلى وجود 6 أنواع من المشاعر وهي: الخوف، والسعادة، والحزن، والدهشة، والغضب، والاشمئزاز، وهناك مشاعر أخرى مثل الحب، والرحمة، والرفق، واللين، وقوة المشاعر تزداد وتنقص إلى حد كبير تبعا لأحكامنا التي نقرنها بها، فالخوف يمكن أن يتحول إلى عدوان، والغيرة أيضا يمكن أن تتحول إلى عدوان، والحب قد يتحول إلى كراهية في حالة عدم الاهتمام، وقد تتحول مشاعر الخوف إلى أعراض هستيريا جسدية. التوسع والبناء وذكر أنه يوجد قانون يسمى «التوسع والبناء» وهو أحد قوانين علم النفس الإيجابي، تحدثت عنه الباحثة بربارا فريدريكسون، ويقصد به أن التوسع في استخدام المشاعر الإيجابية يؤدي إلى ظهور السمات الإيجابية وحسن الحال والصحة النفسية الجيدة، ويسهم في تحفيز الانتباه إلى الفرص الإيجابية باستمرار، على العكس من ذلك فإن المشاعر السلبية تجعل الانتباه إلى الأمور الإيجابية ضيقا جدا.الخبرات الدينيةوأردف قائلا: المشاعر تبدأ بموقف معرفي، فما يؤثر في الإنسان ليس الحدث أو الموقف نفسه، ولكن الطريقة التي يفسر بها الإنسان الحدث والموقف، وهي عملية معرفية تكون نتاجا لخبراتنا الذاتية، وذكرت مدرسة العلاج المعرفي أكثر من 8 أنماط من التفكير تكون مسؤولة بشكل أولي عن إنتاج المشاعر، منها «الشخصنة»، والاستنتاج الخاطئ، والثنائية «يا أسود يا أبيض»، وأيضا تحسين نمط الحياة، ومثل الابتعاد عن المنبهات وممارسة الرياضة والاسترخاء والتنفس البطني من الأمور التي تسهم في الاحتفاظ بالمشاعر الإيجابية في المواقف المختلفة، وبالطبع للخبرات الدينية أهمية كبرى في قدرة الإنسان على التحكم في المشاعر، إذ يقول عالم النفس التحليلي كارل يونج إن الكثير من مشكلاتنا الانفعالية تكون لأننا فقدنا أحد العناصر التي تهبها الأديان لأتباعها، فالإنسان الذي يفقد الاتصال بمنظومته الروحية والأخلاقية يعاني كثيرا، ويكون استعداده للحزن والغضب أكبر، بينما الإنسان الذي لديه اتصال عميق وإيجابي بتلك المنظومة التي تزوده بأدوات تكيف، مثل الصبر على الحزن واللطف والرفق واللين والرحمة، سوف يتخلص من أنواع التفكير والمشاعر المجهدة، وتكون لديه قدرة على التكيف والتوافق «النفس المطمئنة». القانون التراجعي وأوضح أن القانون التراجعي للفيلسوف «آلان وات» يقول: لا تجعل الرغبة في الحصول على المزيد هي هدفك للحصول على الرضا «عش اللحظة الراهنة»، بل استمتع بها لتحصل على الشعور بالرضا، كلما فكرت فيما ليس لديك شعرت بأنك لا تملك شيئا، وعندما تسعى لأن تكون أكثر ثراء، سوف تشعر بأنك فقير، وكلما أردت أن تكون أكثر جاذبية شعرت بأنك لست مرغوبا فيك، وكلما شعرت بأنك بحاجة إلى شيء ما، انظر إلى الناس الذين يحبونك واستمتع بالقرب منهم، وهذه أشياء بسيطة، عندما نخضعها إلى القانون التراجعي، ستجد أنك تبقى طوال الوقت تفكر فيما يجب أن يكون وما يجب أن تحققه، وتحرم نفسك من فرصة الاستمتاع باللحظة، فالإنسان يستطيع أن يستمتع بالحياة كلما استطاع اختيار مشاعره بشكل إيجابي على المستوى الشخصي والاجتماعي والمهني والعملي.قوة المشاعر تزداد وتنقص إلى حد كبير تبعا لأحكامنا التي نقرنها بهاالتفكير فيما يجب أن يكون يحرمك من فرصة الاستمتاع باللحظةالإنسان يستطيع أن يستمتع بالحياة عندما يختار مشاعره بشكل إيجابيالمشاعر السلبية تعطل قدرات الإنسان إذا وصلت إلى القلق المرضي