* هل توجد جدوى اقتصادية لزراعة القمح في بيئتنا السعودية؟ التحديات القاسية والصعبة ومشاكلها تفرض طرح هذا السؤال الإستراتيجي. سؤال تُبنى على إجابته القرارات الصعبة. والسؤال الآخر والمهم: ماذا عن وضع المياه الجوفية الإستراتيجية غير المتجددة؟ إن الأسئلة الصعبة تجسد الحيرة لكنها تعمل على تحديد المسار الصحيح والأمثل، أو الأقرب إليهما. وعليه نعود إلى نقطة الارتكاز الأولى ونقول: هل ما زلنا نمارس التضحية بمياهنا الجوفية الإستراتيجية على زراعات عشوائية؟* هناك المزيد من الأسئلة المطروحة بقوة أمام أنفسنا، ومن أهمها السؤال التالي: ماذا نريد؟ نعم ماذا نريد؟ هل حددنا قائمة بما نريده؟ هل حددنا الأهم؟ السؤال الأعظم والإستراتيجي: هل عرفنا الأولويات في أمر الزراعة؟ أسئلة مهمة أطرحها رغبة في إعطاء – على الأقل – مساحة أوسع من التفكير والتأمل.* جزء من وظيفتي -كباحث علمي- طرح الأسئلة، وهي وظيفة تمثل أداة علمية تقود – في نهاية المطاف- إلى الحقيقة، وعندما نعثر عليها سنجدها خير مَن يدل على الطريق الصحيح والسليم، وعلينا -كنتيجة- المشي في جادته المشرقة.* السؤال الفلسفي الكبير: كيف نعثر على الحقيقة؟ هناك مؤشرات تقودنا وتأخذ بجهدنا نحوها -إن أردنا ذلك- ومنها الدروس والعِبَر. أيضًا هناك مؤشرات تُبعدنا وتبعثر جهودنا وتشتتها ومنها الاجتهادات، خاصة إذا تأسست وقامت على التخمين وحدس التشتيت، وأيضًا عندما تقودها المصالح الشخصية العمياء.* إن الأرقام والبيانات الصادقة أساس المعلومة العلمية التي يعول عليها، وبدونها لا يمكن الحصول على معلومات موثقة، لكن في حضورها تظهر الحقائق واستنتاجاتها ويتصلب عودها، وعليها تُبنى جميع القرارات. فالمستقبل يخضع لسيطرة المعلومة وجبروتها ونفوذها. وقوة المستقبل تكمن في قوة المعلومة. ولكن قيمة المعلومة تكمن في مدى تطبيقها واستخدامها وليس امتلاكها، وهنا تتجلى قيمة الإنسان والشعوب حاضرًا ومستقبلًا.* البيانات والمعلومات وحقائقها التي وردت في كتابي بعنوان: التوسع في زراعة القمح والشعير والأعلاف خلال خطط التنمية الخمس الأولى (1970 – 1995م) وأثره على المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية، وفرت أساسا ذا قيمة مرجعية للمستقبل الزراعي والمائي يمكن الاعتماد عليها في استنتاج كثير من الأفكار، وفي طرح الآراء. إنها حقائق تُبنى عليها الكثير من التوصيات المهمة، ومن وجهة نظري -كمؤلف- فإن هناك عِبرًا ودروسًا، وفرصًا متاحة لتحقيق الأمن المائي، وشيء من الزراعة المستدامة من منطلق حقيقة أن التاريخ لا يُعيد نفسه إلا على غير المتعظ.* هناك العديد من الدروس والعِبَر يمكن تعلمها من تجربة اندفاعنا السابق في التوسع في زراعة القمح، واللبيب -كما تقول العرب ـ بالإشارة يفهم، ومن أهمها أولًا: تجلّى أمام الجميع دور المياه الجوفية وأهميتها في أي تنمية زراعية، بل وفي أي تنمية اقتصادية واجتماعية. ماذا تعني لنا هذه المعلومة ولأجيالنا القادمة؟ كيف نسخّرها لصالح الحاضر والمستقبل؟ هذه المعلومة جاءت نتيجة لرصد الكثير من الأرقام والبيانات، أفضت جميعها لهذا الاستنتاج الذي أصبح حقيقة ودرسًا وعِبرة.* ثانيًا: من الدروس والعِبر المهمة التي يجب عدم تغييبها: أن التوسع الزراعي الأفقي شكل خطرا حقيقيّا على مستقبل المياه الجوفية في المملكة، الأمر الذي هدد -أيضا- مستقبل الزراعة. إن خيار الأخذ بالتوسع الزراعي الأفقي يحتاج إلى كثير من الموارد المائية وأيضًا المالية. ماذا يعني هذا الدرس للمستقبل؟* في أمر الزراعة هناك نوعان من التنمية: تنمية زراعية رأسية؛ وتنمية زراعية أفقية. ولكل تنمية شروط يجب الأخذ بها لضمان نجاح استدامتها. من هذه الشروط ومع اختيار التنمية الزراعية الأفقية: تلازم توافر الماء والمال. لا يعمل أحدهما بدون الآخر. وإن حصل توظيف أحدهما دون الآخر فلن تُكتب الاستدامة لهذه التنمية. أي أن الفشل هو المحصّلة النهائية ولو بعد حين. وهذا ما حصل. ويستمر الحديث بعنوان آخر.@DrAlghamdiMH