لا يدع محتالو الإنترنت فرصة يمكنهم من خلالها تحقيق أهدافهم الاحتيالية إلا ويسعون لاستغلالها، ومن بين تلك الفرص التي أتيحت لهم خلال الأسابيع الماضية، نشاط التبرع واستغلال حاجة الملايين حول العالم للمساعدات في مواجهة العديد من الظروف التي ضربت عددا من مناطق العالم.ولاحظ باحثو كاسبرسكي على مدار الأسبوعين الماضيين كثافة في أنشطة الاحتيال بانتشار العديد من صفحات التبرّع الوهمية على الويب، ويمنع هذا النشاط الاحتيالي من وصول التبرعات إلى المنظمات الرسمية والمحتاجين.صفحات التصيدوتحدث عمليات الاحتيال التي تستهدف العمل الخيري على مدار السنة، وغالبًا ما تتخذ شكل الاستجابة لكوارث أو حالات طوارئ واقعية نتيجة صراعات أو تغيّرات مناخية، أو كوارث طبيعية.وأفاد الباحثون بوجود العديد من صفحات التصيّد التي تنتحل صفات مواقع أصلية لجمعيات خيرية وجهات رسمية عاملة في مجال جمع التبرعات، موضحين أن محاولات الاحتيال لا تقتصر على سرقة أموال المتبرعين وبياناتهم المصرفية فقط، ولكنها تحرم المنظمات الرسمية من التبرعات، وبالتالي تحرم المستحقين من تلقي ما يستحقونه.افتقار الشرعيةوأكد الباحثون أن معظم صفحات التبرع المزيفة تفتقر إلى أية معلومات حول منظمي جمع التبرعات أو متلقيها أو أية مستندات أخرى تثبت شرعية عملهم، ولا شيء يمكن فِعله عند زيارتها سوى التبرّع، مؤكدين أن الافتقار لهذه المعلومات، يُعتبر نذير خطر قد تنتهي بالمستخدمين إلى خسارة أموالهم لصالح المحتالين.ويحرص المحتالون على تمكّن المستخدمين من تحويل الأموال بسهولة، ويتيحون أمامهم خيارات التحويلات المالية الطوعية من بطاقات الائتمان وحسابات العملة الرقمية.البريد الجماعيوأشاروا إلى أنه غالبًا ما يستخدم المحتالون تكتيكات «الضغط العالي»، مثل الإلحاح واستخدام لغة شديدة الانفعال، مضيفين: وينتحل المحتالون في رسائل البريد الجماعي غير المرغوب فيه، التي رصدتها كاسبرسكي، صفة ضحايا النزاعات، متظاهرين بالسعي للحصول على مساعدات مالية لأسرهم، وتوسل المحتالون في ظلّ إغلاق البنوك من أجل تحويل الأموال من خلال البيتكوين تاركين عناوين محافظ عملاتهم الرقمية.كذلك جعل المحتالون جمع التبرعات المالية يبدو أجدر بالثقة، من خلال استغلال أسماء العلامات التجارية المعروفة والمشاهير، نظرًا لمَيل الناس إلى اتباع الأفراد الذين يقتدون بهم والعلامات التجارية التي يثقون بها.بيانات الاعتمادوأشار ديفيد إم الباحث الأمني الرئيسي لدى كاسبرسكي إلى أن الرغبة في مساعدة الآخرين «أمر نبيل»، قائلًا إن المحتالين لا يفوّتون أية فرصة إلا ويستغلونها لصالحهم، مضيفا: «رأينا خلال الفترة الماضية محاولة المحتالين في نشر العديد من الصفحات الخيرية المزيفة وسرقة الأموال وبيانات الاعتماد من المستخدمين الراغبين في تقديم العون للمحتاجين، لذا من المهم الحرص على أن يذهب التبرع إلى مستحقيه، وبالتالي، التحقق دائمًا من شرعية حملة جمع التبرعات التي نشترك فيها».قواعد البياناتويوصي خبراء كاسبرسكي المستخدمين لحماية أنفسهم من محاولات الاحتيال التي تستهدف المتبرعين للعمل الخيري، بالتحقق من سلامة موقع الويب الخاص بالجهة الخيرية من خلال قاعدة بيانات معروفة للتأكّد من شرعيتها، إذ إن المؤسسات الخيرية لابد أن تكون مسجلة رسميًا، مؤكدين أهمية الاتصال بالمؤسسات الخيرية مباشرة للتبرع، وأنه للتبرع عبر الإنترنت، ويوصى بكتابة عنوان موقع المؤسسة الخيرية على الويب بدلًا من النقر فوق رابط.وحذروا من أنه إذا لم تكن متأكدًا من المنظمة، فارجع إلى المنظمات العالمية المعروفة التي تقدّم الدعم الإنساني مثل الصليب الأحمر، موضحين أنه من غير المرجّح أن يتصل بك مباشرة الأفراد الذين تأثروا بالأزمة من أجل الحصول على المال؛ لأنهم غرباء لا يعرفونك؛ لذا توخَّ الحذر من طلبات إرسال الأموال.أخطاء إملائيةودعا الخبراء كافة المستخدمين للإنترنت؛ للبقاء يقظين، إذ قد يبدو موقع الويب المزيف مطابقًا لموقع خيري حقيقي، فيما تكون تفاصيل مكان إرسال التبرعات هي الاختلاف الوحيد، موضحين أنه غالبًا ما تشير الأخطاء الإملائية أو النحوية إلى كون الصفحة مزيفة.وشددوا على أهمية توخِّي الحذر على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تُعدّ مفيدة للجمعيات الخيرية للتواصل مع الجمهور وطلب التبرعات، مستطردين: ولكن لا تفترض أن طلب التبرع على فيسبوك أو تويتر، أو إنستجرام، أو يوتيوب سليمًا لمجرد أن صديقًا لك أعجبه أو شاركه، وعليك التأني في التحقق من سلامة الجهة.