الوطن في قواميس شعوب العالم هو تلك الأرض، التي يرتبط بها الإنسان تاريخًا ونشأةً وأصلًا وانتماءً، ويرخص لأجل ذرة من ترابها كل غالٍ ونفيس.. وبالمُجمع فإن أدب التواجد على الأوطان وإن كنت لا تنتمي إليها في الأصل، وذلك لحاجة طلب علم أو رزق أدّعي أن تكون على قدر من الاحترام والتقدير لهذه الأرض، التي أنت تعيش عليها، وتنهَل من خيراتها.. ومن هنا تستذكر عبارة «وطني الثاني»، التي يرددها كثيرًا مَن هم يعيشون أو عاشوا في بلاد غير بلادهم لفترةٍ مؤقتةٍ أو دائمة، وهي دلالة على أن الإنسان وبطبيعة عاطفته وأخلاقه يشعر بالامتنان والتقدير لأي أرض تواجد عليها، وكانت سببًا في خير كسبه من علم أو عمل.إنه من المُخِل بالأخلاق والقِيَم الإنسانية أن يعيش المرء مغتربًا على أرض توفّر له المأوى والمعاش والكرامة، وبالمقابل تجده ينحاز فكريًا أو عمليًا لما يُلحق بها الضرر أو يشاطرها العداء، ولعلنا حين نقف أمام ما صَرَّحَ به المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة مكة المكرمة، بأن الجهات الأمنية حدَّدت هوية شخص وثَّق ونشر مقاطع فيديو في شبكات التواصل الاجتماعي تحتوي على عبارات تُمجد العمل العدائي، الذي تعرَّضت له محطة توزيع المنتجات البترولية التابعة لشركة أرامكو في مدينة جدة، وهو مقيم من الجنسية اليمنية، تم القبض عليه، واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى جهة الاختصاص.. فهذه التفاصيل الآنفة الذكر بقدر ما هي تُبيِّن لنا حجم اليقظة، التي يتحلى بها رجال الأمن في المملكة العربية السعودية لمتابعة كل تحرُّك مشبوه مهما كانت صورته، وعدم تهاونهم في أي تجاوز مُخِل، سواءً صدر من مواطن أو مقيم، فكيف حين يكون هذا التجاوز تمجيدًا لعمل عدائي تعرّضت له إحدى المنشآت الوطنية ذات الأهمية العالمية.. دون شك أن هذا يعكس فكرًا لا يقل شأنًا في بشاعته من مرتكب الاعتداء الإجرامي، فتأييد الفعل شراكة فيه.المقيمون على أرض المملكة العربية السعودية إجمالًا دومًا يتباهون ويتغنون بما ينعمون به من أمن ورخاء واستقرار وكرامة في العيش، ومساواة في الحقوق، وتيسير في التعاملات.. ومثل هذه الأفعال الشاذة، التي تصدر من أشخاصٍ يقيمون على أرض المملكة بأجسادهم ويشاطرونها العداء بأفكارهم، دون شك هي تجاوزات مرفوضة منبوذة حتى من أبناء جنسيتهم.. ولن تجد سوى الإجراء النظامي الرادع، كبقية كافة التجاوزات، ضد هذا الوطن، كما أنه بلد الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين حول العالم، فهو وطن لكل محبيه.