في لقائي الأخير، ضمن برنامج الدورة التدريبية التي قدَّمتها أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي، مؤخرًا بالخُبَر، شاركتُ في حديثي الحضور عن الإعلام، وتناولتُ بصددها جوانب عدة، كان أبرزها أسس الصحافة الثابتة التي لا تتغيَّر، إنما تختلف القوالب التي توضع فيها، وأخذنا سياق الحديث عن أهمية الإعلام الجديد وخطره، وكيفية التعامل معه، وأهمية أن يكون لدى الدول إعلام داخلي قوي.وجاء ضمن حديثي مصطلح «الأمية الجديدة»، والتي تشكِّل خطرًا غير محسوس أو ملموس، ولكن مع الزمن تظهر معالمه؛ ليصبح مشكلة تضعك في خانة أقل من أقرانك، وربما تجعلك واقفًا لا تستطيع التقدم تحت لافتةٍ كُتِب عليها «الأميون الجُدد!»وليس القصد من الأمية هنا هو مَن لا يعرف الكتابة والقراءة؛ لأنها أصبحت من النوادر، بل إنك إذا لم تواكب التطور الرقمي وتتكيَّف مع متغيِّراته بنِسَب معقولة ستجد نفسك متخلِّفًا عن ركب التقدم أو وحيدًا لا يعرف التعامل مع تطورات الحياة.لِنعُد قليلًا إلى السابق، كانت هناك مِهَن غير رسمية يقوم عليها بعض الأشخاص تجدهم عند أجهزة الصراف الآلي يقدمون خدمة الدفع لتكلفة إصدار جواز السفر أو أي خدمة تجديد، أو مَن يقومون بتعبئة نموذج طلب إلكتروني وغيرها، حاليًا انتقل كل ذلك إلى جوالك، وأُلغي هذا الدور، وأصبح الشخص نفسه هو مَن يقوم به، والقياسات هنا وإن كانت بسيطة إلا أنها كثيرة، نتج عنها تلاشي المساعدين، وأصبحت كلها تطبيقات في جوالك، ولكن من الآن وحتى 5 أو 10 سنوات «دون النظر لمدة الزمن»، نحن بصدد تقنياتٍ جديدةٍ قد تُحدِث تغييرات جديدة أو جذرية، وهنا يكمن السؤال: هل نحن على استعداد لمواجهة هذا التغيير وتعلُّمه، والركوب في قطار التحديث والتجديد، أم سنتخلف عن الركب ونجلس في ساحة الأمية دون حِراك ننتظر أن تنقضي الأزمان والآجال؟!للأسف أصبح خطر «الأمية الحديثة» أكبر من السابق، وربما يفوقه بمراحل، وهناك نداءات دولية لعمل فصول لمحو الأمية «الرقمية» أو ما أطلقت عليه حاليًّا بالأمية الجديدة في التعليم العالي، فعدد من الطلاب لديهم قصور في التعامل مع التكنولوجيا الرقمية في الدراسة، وفي شؤون الحياة، لذا جاءت تلك النداءات للمطالبة بعلاج هذه الثغرة من قِبَل التعليم العالي، ولكن هل سيكون ذلك كافيًا؟، أعتقد أنه سيصبح لزامًا وضع التطعيم المناسب للحالة لينتهي المرض، وتجديد ذلك المطعوم مع كل مراحل الدراسة، وتبدأ مكافحة الأمية في جميع فصول التعليم العام من الابتدائي حتى الجامعة طبقًا للمتغيّرات والحاجة؛ ليبقى الطالب على استيعاب وتطوير مستمر، وألا يكون التعليم تقليديًا، بل بمناهج وأدوات رقمية يسهل تطويرها وتحديثها سريعًا عبر لجان أو إدارة لمحو الأمية الرقمية «الجديدة» أو لتطوير التعليم الرقمي، وأن تبدأ بمسح شامل متجدد ومستمر لمستوى الطالب رقميًا لمعرفة كيف تتم معالجة هذا؛ لأن وجود دراسة موضوعية على أسس علمية ورقمية مناسبة يجب أن تقوم على جهاز ذي قدرة وكفاءة عالية، ستصب مستقبلًا في كيفية تعديل وتوجيه مسار المناهج الدراسية الرقمية للطلاب، وبالتالي تحقيق الأهداف المرجوَّة منها في رؤية 2030، ونصل إلى جيل يخدم جميع القطاعات دون أمية جديدة رقمية، ومؤسَّس بالداخل على الاستمرار في تطوير معلوماته الرقمية.@alsheddi