ترددت كثيراً عبارة العلم في الصغر كالنقش على الحجر، وكنت جزءا من المقولات، التي ألفناها في مرحلة ما من حياتنا، ولكني وبكل أمانة لم ألتفت إلى هذه العبارة، الحكمة، المقولة الذهبية إلا عندما أصبحت الكتابة واحدة من هواياتي، وعندما اكتشفت أنني أكتب بشكل قريب من الصحيح بعيدا عن الأخطاء الإملائية، التي أصبحت علامة في الأزمان المتأخرة؛ لأسباب كثيرة يطول شرحها، وإعجابي بهذه المقولة يذكرني دوماً بالرجل، الذي كان له الفضل في تعليمي أنا ورفاقي الصغار في الصفوف الأولى بمدرسة عمر المختار بالثقبة، تحليلي بعد هذا العمر يقول إن فاروق الخليلي، وهذا اسم معلمنا الذي رسخ لدينا أساليب الكتابة الصحيحة، يقول إن الرجل له أربع صفات رئيسة لا يمكن أن تمحوها السنين، الأولى أنه مربي بمعنى لم يك بيننا وبينه حواجز الخوف من الغريب، ونجح في أن نكون قريبين منه، حيث إنه يتحملنا إلى أبعد حد، أملاً في أن نستوعب الذي يلقى علينا، وكان أكبر عقاب لدى الرجل أنه يجعل الطالب، الذي لا يفهم بعد كل تلك المجهودات يقف أمام الجميع، ونردد نحن وهو أي المدرس جملة شهيرة نقول بصوت جماعي: وقف حمار الشيخ في العقبة، يا محلى الكف على الرقبة، هذه نشيدة كانت بمثابة جرس إنذار للطالب، الذي تعثر في الفهم، ثاني خصال الرجل، أنه متمكن من حرفته بمعنى أنه مدرس محترف يؤكد ذلك أني أتذكر حينها أن الرجل كان في الأربعينيات من عمره ونحن في الصفين الثاني، والثالث، ثلاث خصال الرجل كانت لديه قدرة عجيبة في تعليمنا الرياضيات والكتابة والقراءة والعلوم وطريقة الوضوء بشكل متداخل وبدون انفصال، فكان يعمل لنا يومياً مراجعة على كامل المواد، النقطة الرابعة كان يحمل العصا مثل غيره في تلك الفترة، ولكنه لم يضرب أي منا قط حتى المتأخرين في الفهم وفي التحصيل. استحضرت كل تلك الصور وأنا أتابع رجلا يحلل حالة العلاقات بين دول مجلس التعاون العربية وبين ما يسمى بالجمهورية الإسلامية في إيران، الرجل كانت لديه أخطاء وتصورات عجيبة غريبة للعلاقة بين الجانبين ولتقدير نقاط القوة والضعف فيما بينهما، الشيء الآخر الرجل كان يتحدث بحالة استسلام تقترب من البلادة الصفية وهو يوصف بمفكر وأستاذ جامعي! الشيء الآخر أن اللقاء كان عبر قناة مشبوهة وغير معروفة التمويل، ولا الأهداف، ويعتقد أنها تابعة لقوى وتجمعات توصف في الأعم الأغلب بأوصاف غير مريحة. المفكر والأستاذ الجامعي ينتمي إلى دولة خليجية وفسر علاقات بلاده المتميزة مع الجانب الإيراني بأن إيران بسطوتها، وتمددها، ونفوذها الحالي وبعد أربعة عقود من العمل كما قال، أصبحت رقماً صعبا في معادلة السياسة بالمنطقة. وأثنى ببلاهة غريبة على التحليل الموضوعي وعلاقات بلاده بما يسمى بالجمهورية الإسلامية في إيران. هذه النوعيات من المحللين ينطبق عليهم المقولة، التي كنا نرددها مع أستاذنا في الصفوف الأولى، يا محلى الكف على الرقبة، لا يحتاجون إلى العصا لأن الحالة، التي هم عليها من استسلام غير معلن لقوة شر إقليمية تجعل التعليم والتعلم معهم من الأمور الصعبة.@salemalyami