لا تزال الأفكار مبعثرة ومزدحمة في داخلنا بين جائحة كورونا، التي لا تزال قائمة وبين أرقام الإحصائيات، التي تتأرجح بين انخفاض وارتفاع عدد المصابين والوفيات وبين الحرب العالمية الثالثة المتوقع حدوثها إزاء ما شهدناه في الأسابيع القليلة الماضية وبين الدراسة في شهر رمضان وبين الاستعدادات لشهر رمضان، وفي ظل كل هذا سأحدثكم عن سلوك بشري أناني ومستبد لا يمت للإدراك بأي صلة.بينما أتسوق في السوبر ماركت لفت نظري أحدهم الذي لم يكتف بارتداء الكمامة فقط، بل بالقفازات أيضا، وكنت امتدح سلوكه بيني وبين نفسي بقولي (ما شاء الله عليه)، فالكثير اليوم بات متهاونا بالالتزام بالإجراءات الوقائية الخاصة بكورونا، ومن باب الصدفة انتهينا من التسوق في ذات الوقت، وقد لاحظت وهو يعقم أكياس السوبر ماركت قبل وضعها في سيارته.. وما زلت أمتدح سلوكه حتى هذه اللحظة.. ولكنه قبيل أن يغادر صدمني نزعه للكمامة والقفازات، التي كان يرتديها ليتركها على عربة التسوق، التي كانت تحمل أغراضه.. ثم دفعها بعيدا عن سيارته بكل بساطة.. وكأنه انتهى من مهمته ألا وهي حماية نفسه وعائلته فقط.. مما أثار استيائي من كل ما فعله..استغربت من سلوكه، الذي لم أتوقع أن يصدر من شخص عاقل ومدرك وواعٍ مثله، كان بالإمكان أن يضعها في سلة المهملات، التي كانت متوزعة في كل مكان ولا تبعد عن سيارته سوى بضعة أمتار بعد أن انتهى من استعمالها.. لا أن يضعها في عربة التسوق، التي مما لا شك فيه سيستخدمها متسوق آخر بعده..تساءلت بيني وبين نفسي هل هذا ما تعلمناه من وباء كورونا؟ هل تعلمنا من هذا الوباء الأنانية؟ولكنني رجحت أن سلوكه صادر من شخص مدرك على مستوى نفسه فقط دون أن يفكر بالآخرين أو على الأقل يفكر بالعامل، الذي سيقوم بإعادة العربة إلى مكانها من جديد وهو تاركا له كمامته وقفازاته، التي جابت أرجاء السوبر ماركت!!إن جل ما نحتاج إليه اليوم هو أن نكون أكثر تضامنا وتكافلا.. أن نكون أكثر مسؤولية اتجاه أنفسنا والآخرين.. أن نكون أكثر تعاونا.. فحتى هذه اللحظة ليس الجميع ممن يصاب بهذا الوباء تكون أعراضه طفيفة عليهم، بل ما زال البعض ممن يصابون به تظهر أعراضه عليهم بصورة خطيرة جدا قد تنتهي بالموت..حين تمنح حكومتنا الرشيدة كامل ثقتها من خلال تطبيق إجراءات التباعد في المساجد وجميع الأماكن المغلقة والمفتوحة وكل الأنشطة والفعاليات وعدم إلزامها بارتداء الكمامة هذا لا يعني أن نكون أقل اكتراثا وأقل مسؤولية.. فأجمل ما أوصى به رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- هو حين قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).دمتم بخير وصحة وعافية.@al_muzahem