يشير التحضر في مفهومه البسيط جدا إلى أنه التحول السكاني من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، أما اصطلاحا فقد تأثر مفهوم الحضارة بالعديد من التطورات والتغييرات مما أدى إلى تنوع تعريفاتها ومفاهيمها، ويبدو ذلك واضحا من خلال ما نشاهده اليوم من مشاهد تدعي الحضارة أو تتخذ من هذه الحضارة سقفا يعتلي تصرفاتها وأفعالها، التي قد لا تندرج تحت مسمى الحضارة.ومن ذلك يمكن أن نعتبر بأن الحضارة باتت هدفا يبحث عنه الجميع ويتمنى أي مجتمع الوصول إليها والتحلي بها.. فهي تبدو بالنسبة للجميع معيارا أساسيا تتحقق من خلاله السعادة والراحة والرخاء والتطور والتقدم.ومن وجهة نظري، كي يتمكن أي مجتمع من الوصول إليها لا بد من الاهتمام بالجوهر عوضا عن الاهتمام بالمظهر.أي الاهتمام بالحضارة الفكرية لأنها حجر الأساس، الذي تبنى من خلاله أبراجا مشيدة من الحضارة وهي من ترسم اتجاهات الطريق وتحدد أهدافه، فالفكر هو المحرك الأساسي والرئيسي للإنسان الذي ما هو إلا سلسلة من الأفكار النفسية التي يخبئها في عقله، وتظهر في تصرفاته، وأحاديثه واقتراحاته مع الآخرين، فمن خلال الاستماع لأفكار شخص ما نستطيع معرفة جوانب شخصيته وسلوكياته.إن المتأمل في حضارات الأمم على مر العصور سيرى أن هذه الحضارات العظيمة لم تكن لتبنى وتنهض وتترك أثرا وتبقى تاريخا يحكي للأجيال لولا ما تميزت به من حضارة فكرية خلاقة ومتميزة نسجت من خلالها طريقا يسلكه كل الأمم التي تأتي من بعدها.ولأن الفكر الإنساني هو الأساس في البناء الحضاري يصعب علينا الفصل بين الفكر والمجتمع، فكلاهما يؤثر في الآخر ويصنع الآخر.. فلا حضارة دون تفكير متحضر ودون إبداع فكري.ومضة:من خلال اهتمامنا بصناعة الحضارة الفكرية سنصنع جيلا مفكرا ومبدعا ومبتكرا في جميع مجالات الإبداع والتنمية والتعليم.@al_muzahem